05 - 05 - 2025

تحت المجهر | سيناريوهات تصفية القضية الفلسطينية بين جزرة ترامب وعصا موسى

تحت المجهر | سيناريوهات تصفية القضية الفلسطينية بين جزرة ترامب وعصا موسى

إعمار وتهجير وحرب إبادة وتطهير عرقي

سيناريو جديد قديم يتم طرحه من قبل الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب لإقتلاع مليون ونصف المليون فلسطيني من أراضيهم ، وإعادة توطينهم في دول الجوار.

نقل سكان غزة إلى مصر والأردن لمدة زمنية غير محددة لحين الإنتهاء من إعمار المناطق المهدمة هو آخر وأول ما نطق به الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لدعم إسرائيل وفك الاشتباك الدائر منذ خمسة عشر شهرا على الأراضي الفلسطينية المحتلة .

الخطة التي باركها اليمين المتطرف الإسرائيلي قوبلت برفض شديد من حكومتي مصر والأردن، حيث تعتبر مصر تهجير الفلسطينيين خطا أحمر لا يمكن  السماح به تحت أي ظرف .

في حين ترفض الأردن رفضا قاطعا استقبال أي موجات جديدة من اللاجئين الفلسطينيين ، معتبرة ذلك محاولة لتدمير التوازن الهش في المنطقة ، رافضة أن تكون وطنا بديلا للفلسطينيين ، ومعتبرة التهجير القسري للفلسطينيين جريمة حرب .

ترامب المصر على حل القضية أو تصفيتها على ما يبدو يجرى اتصالاته بدول أخرى أيضا لترحيل الفلسطينيين من أراضيهم ، وربما تصبح أندونيسيا واحدة من تلك الخيارات أو الأوطان البديلة للفلسطينيين.

مبررا ذلك بأن غزة أصبحت مكانا مدمرا والقطاع هدم حرفيا ، وأن نقل الفلسطينيين قد يكون مؤقتا أو طويل الأجل.

إن صح تبريره فلماذا ألغى ترامب قرار حظر توريد قنابل الـ٢٠٠٠ رطل الأمريكية لإسرائيل ، إذا ما كان ينوي إتاحة الفرصة لإعادة الإعمار في القطاع .

خلال ٤٦٧ يوما لم يتوقف القصف الإسرائيلي العشوائي والممنهج في الوقت ذاته على كافة الأحياء والمناطق السكنية في غزة ، في حرب إبادة بلا هوادة .

حرب راح ضحيتها أكثر من ٤٥ ألف شهيد فلسطيني ، من بينهم نحو ١٤ ألف طفل بريء وأكثر من ٧ آلاف إمرأة ، في مقابل ١٢٠٠ إسرائيلي ، في حين وصلت إصابات الفلسطينيين إلى حوالي ١٠٧ آلاف إصابة معظمها إصابات خطرة.

ناهيك عن نزوح ٩٠٪ من سكان القطاع أي نحو مليون وتسعمائة الف نازح فلسطيني.

إن الوضع الإنساني في غزة أكثر من كارثي ، مع مقتل أكثر من ألف كادر صحي وإغاثي، وانعدام الأمن الغذائي بالقطاع ، ونحو ٣٤٥ ألف نازح يعانون الأمرين فهم يعيشون في مجاعة وبلا مأوى.

وثيقة استخباراتية إسرائيلية مسربة سابقا كشفت عن خطة حكومة الكيان الصهيوني لترحيل الفلسطينيين قسرا إلى سيناء ، على ثلاث مراحل ، تبدأ بإنشاء مدن خيام في سيناء جنوب غرب قطاع غزة لتستوعب السكان المهجرين مؤقتا ، ثم إنشاء ممر انساني آمن لمساعدة السكان المهجرين في الإنتقال إلى مدن الخيام، واخيرا بناء مدن في شمال سيناء لإعادة توطين المهجرين بشكل دائم.

وفي الوقت ذاته يتم إنشاء منطقة عازلة بعرض عدة كيلو مترات داخل مصر جنوب الحدود مع إسرائيل حتى لا يتمكن الفلسطينيون المهجرون من العودة .

الخطة إذن إجبار الفلسطينين على النزوح من الشمال إلى الجنوب ، ثم جمع مليون ونصف المليون انسان في مربع لا يتسع لثلث هذا العدد على الحدود مع مصر ، ثم مطالبة القاهرة بإستقبالهم لفترة لحين الانتهاء من إعادة الإعمار أو بالأحرى من حربها ضد حماس ، في محاولة لابقائهم في سيناء ، وتكرار الأمر ذاته مع فلسطيني الضفة وترحيلهم للأردن، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي.

خطة ترامب إذن هي ذاتها خطة وزيرة الاستخبارات الاسرائيلية التي طرحت منذ سنوات تحت عنوان ( التهجير طوعا ) والتي دعمها وزير الأمن القومي الإسرائيلي وروج لها وتبناها ترامب ويحاول إنفاذها بالضغط على دول الجوار الرافضة لمخطط التهجير وتصفية القضية .

وفي أول تحرك من البيت الأبيض أصدرت التعليمات للبنتاجون بإلغاء قرار تعليق إرسال قنابل تزن ٢٠٠٠ رطل لإسرائيل ، كان أوقفها الرئيس السابق جو بايدن لإعادة استخدامها في المناطق المكتظة بالسكان في قطاع غزة .

ليتم بذلك الإفراج عن ١٨٠٠ قنبلة من طراز ( ام كي ـ ٨٤ ) كانت مخزنة في الولايات المتحدة ، وسيتم شحنها وتسليمها لإسرائيل خلال أيام.

فأي إعمار يتم التخطيط له في مواجهة إطلاق تلك القنابل الشرسة الموجهة لهدف واحد ألا وهو مسح الفلسطينيين من على الخارطة وإعادة تخطيط المنطقة لخدمة أهداف الكيان الصهيوني بمساعدة حليفه الأمريكي الذي يسعى من جهته لحماية مصالحه في الشرق الأوسط وسط المتغيرات الجديدة الملتهبة بالمنطقة .
----------------------
بقلم: كوكب محسن


مقالات اخرى للكاتب

تحت المجهر | متلازمة الإعمار والتهجير .. فاصل ونواصل